من محمد نجيب .. ل السيسى أمهات لهن تاريخ

المصدر بوابة الوفد

لو بحثت في قاموس المجمع اللغوي كله لما وجدت كلمة تفي الأم حقها.. لو سجدت لله شكراً طول العمر لنفد العمر قبل أن تمنحها ما تستحقه.. لو كتبت وسطرت مئات الكتب مديحاً وتعظيماً لها.. لذابت الكلمات.. وغابت الحروف.. وتاهت المعاني.. بين ثنايا جودها وإحسانها.. نخطئ إذا قلنا وراء كل عظيم امرأة.. بل الأجدي أن وراء كل إنسان علي وجه الأرض أماً.. تدعو له.. وتبكي من أجله.
وحدها دون غيرها.. تمنحك الدعاء بلا مقابل.. تغمرك في حنانها بلا من ولا استحسان.. تغضب دون قسوة.. وتحزن بلا كره.
تنصحك وترشدك دون أن تريد منك جزاءً ولا شكورا.. الأم مدرسة.. وجامعة.. وحياة بأكملها.. طول محياها يكرمك الله من برها.. وإذا ماتت لم ينقطع عملها في الدنيا بدعائك لها.. إذن العلاقة بين الابن وأمه هي حلقة وصل لا نهاية لها.
و«ست الحبايب» عند الرؤساء والزعماء والكتاب وكبار الأئمة لها كينونة خاصة وتأثير مختلف ساهم فيما وصلوا إليه.
العلاقة بين الرئيس وأمه في أي دولة بالعالم أهمية خاصة، كما قال الكاتب الأمريكي دوديج وياد عن ذلك: «الأمهات يعطين إرشادات الزعامة وحب السلطة لأبنائهن.. وهذا ما يساعدهم علي التحول إلي زعماء سياسيين.. لكنه لا يعني بالضرورة إيمانهم بالديمقراطية والرأي الآخر».
وشهدت مصر علي مر تاريخها 6 رؤساء، ولكن قليلاً من الناس يعلمون عن أمهاتهم شيئاً، لأنهم قلما تحدثوا عنهن.

اليتيم
ولد محمد نجيب بالسودان، بساقية أبوالعلا بالخرطوم، لأب مصري وأم مصرية، سودانية الأصل والمنشأ اسمها زهرة محمد عثمان.
والسيدة «زهرة» سليلة أسرة عسكرية اشتهرت بالشجاعة والإقدام، فقد استشهد والدها «الأميرالاي» العميد محمد عثمان، ضابط مصري تعيش أسرته في أم درمان في إحدي المعارك ضد الثورة المهدية، حيث كان قائداً لحامية بوابة المسلمين بالسودان، ومعه 3 من إخوته الضباط في الجيش المصري بالسودان، أثناء الدفاع عن الخرطوم ضد قوات المهدي عام 1885.
وأنجب «يوسف» من «زهرة» 9 أبناء، 3 ذكور هم «محمد نجيب» و«علي نجيب» و«محمود نجيب» بالإضافة لـ 6 بنات.
وكانت «زهرة» هي الزوجة الثانية لـ «يوسف» حيث تزوج مرة قبلها من سودانية اسمها سيدة محمد حمزة الشريف، وأنجب منها ابنه الأول «عباس» ثم طلقها.
وعندما بلغ محمد نجيب 13 عاماً، توفي والده «يوسف» تاركاً وراءه أسرة مكونة من 10 أفراد، فشعر بالمسئولية مبكراً، ولم يكن أمامه إلا الاجتهاد في كلية «جوردن» حتي يتخرج سريعاً، وفي الوقت نفسه كان يعمل موظفاً صغيراً براتب شهري 3 جنيهات، ليتولي الإنفاق علي الأسرة، وهو ما حدث حيث كان «نجيب» يساعد والدته في تربية أشقائه وكان حريصاً علي أن يستكملوا تعليمهم، وأنفق علي زواج شقيقاته وتجهيزهن، وظلت علاقته بوالدته طيبة حتي وفاتها.

ابن القوية
اشتهرت السيدة فهيمة حماد، والدة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بالقوة والصرامة، حيث كان والدها تاجر فحم معروفاً في منطقة باكوس بالإسكندرية، تزوجها عبدالناصر حسين، وكان شاباً فقيراً في مقتبل عمره وكان يحمل أكياس الفحم لدي والدها، دفعه طموحه للزواج من ابنة التاجر الذي يعمل لديه، وشفعت له وظيفته الأخري في «البوستة» له وسهلت الأمور.
وبعدما تزوجت «فهيمة» من «عبدالناصر» أنجبت «جمال» أول أولادها، وحصل علي نصيبه كاملاً من تدليل ورعاية وحنان أمه بأنواعها المختلفة ولم يقاسمه فيها أحد، خاصة أن والده كان يعمل صباحاً وليلاً، ويحصل علي 7 أو 8 جنيهات، لذا صبت أمه كل اهتمامها وتركيزها علي «جمال».
وانتقلت أسرة عبدالناصر إلي منطقة الخطاطبة بالقاهرة، حيث عمل الوالد الجديد في مركز «البوستة» بينما ظل عبدالناصر صاحب الـ 5 أعوام في مدرسته الابتدائية بالإسكندرية يراسل والدته لمدة 3 سنوات.
وعندما أنهي عبدالناصر مدرسته الابتدائية، استعد ليسافر إلي القاهرة، ليكون بقرب والدته التي كان يتشوق لرؤيتها، وعندما ذهب إلي البيت وجد سيدة أخري تدعي «عنايات الصحن» ليكتشف أن والدته توفيت في أبريل 1926، أي قبل عدة أسابيع دون أن يخبره أحد، وأدرك أنه كان يرسل الخطابات إليها وهي متوفاة.
وحزن عبدالناصر كثيراً عندما علم أن أباه حضر إلي الإسكندرية وتزوج سيدة أخري دون أن يمر سنة علي وفاة والدته، وأيضاً دون أن يخبره.

ست البرين.. مشغولة
«ست البرين» والدة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، سودانية الأصل، تزوجت والدتها وجاءت إلي مصر وعاشت في مدينة ميت أبوالكوم، قبل أن تنجب البرين التي تزوجت من والد السادات الذي أعادها مرة أخري إلي السودان.
وتزوج والد السادات «ست البرين» حينما كان يعمل مع الفريق الطبي البريطاني بالسودان، لكنه عاش وترعرع في قرية ميت أبوالكوم.
وكان السادات يميل بشدة إلي جدته أكثر من والدته، التي سيطرت عليه وكانت سبباً رئيسياً في تكوين شخصيته.
وقال السادات في كتابه «البحث عن الذات»: إن جدته كانت تحكي له قصصاً غير عادية قبل النوم، لم تكن قصصاً تقليدية عن مآثر الحروب القديمة والمغامرات، بل كانت عن الأبطال المعاصرين ونضالهم من أجل الاستقلال الوطني، مثل قصة دس السم لمصطفي كامل بواسطة البريطانيين الذين أرادوا وضع نهاية للصراع ضد احتلالهم لمصر، ووقتها كان صغيراً لم يكن يعرف من هو مصطفي كامل، لكنه تعلم من خلال التكرار أن البريطانيين أشرار ويسمون الناس.
ولم يشعر السادات بحنان والدته، حيث انشغلت عنه فحينما سافر والد السادات عام 1914 إلي السودان سافر مع زوجته الجديدة «ست البرين» ولم يكن مستعداً لمشاكل الولادة، فكان كلما اقتربت «ست البرين» من موعد الولادة أرسل بها زوجها إلي أمه في مصر لتلد تحت رعايتها في رحلة مرهقة تستقل عبرها باخرة نيلية حتي تصل إلي الشلال وتواصل رحلتها سيراً حتي تصل إلي محطة القطار بأسوان ومن هناك تسافر إلي ميت أبوالكوم لتضع مولودها.
وكان ميلاد السادات في ديسمبر 1918 في رحلة شاقة وعجيبة، وبعد أن مكثت «ست البرين» مع وليدها محمد أنور السادات فترة الرضاعة تركته وعادت إلي السودان، وفقد السادات أمه وتولت جدته رعايته.

علي هامش الرئيس
«نعيمة إبراهيم» ست ريفية أمية، هي والدة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تنتمي لقرية كفر مصيلحة بمحافظة المنوفية.
وقالت تقارير إعلامية إن والدة مبارك لم تتلق أي قدر من التعليم، فقط حاولت أن تجتهد كما هو مشهور عن الفلاحة المصرية، لتوفر لأولادها قوت يومهم دون أن تشعرهم بالحاجة أو الفقر.
وكانت نعيمة شأنها شأن جميع الأمهات، لم يكن لها حلم في الحياة، إلا أن يكون أولادها أحسن حالاً منها، وشاركت زوجها الحاجب بإحدي المحاكم حلمه في أن يتبوأ أولادها الـ 5 «محمد» و«فوزي» و«عصام» و«سمية» و«سامي» وظائف كبيرة.
وأشارت التقارير إلي أن العلاقة بين مبارك ووالدته لم تكن وطيدة، حيث كانت لا تمثل في حياته شيئاً محورياً، ولم يكن يودها، وقد تجمدت العلاقة بينه وبينها منذ كان طالباً في الكلية الحربية، إذ تردد عليها مرة كل 3 شهور، ولم تكن الزيارة تستغرق إلا عدة ساعات يعود بعدها إلي كليته.
وتوفيت والدة مبارك في 22 نوفمبر 1978، وكان وقتها نائباً لرئيس الجمهورية، وأقام مبارك ليلة عزاء لوالدته، علي أن يتلقي العزاء تلغرافياً علي قصر عابدين، حيث كان يعمل، واقتصر العزاء علي الرجال فقط.
وفجرت إحدي وسائل الإعلام مفاجأة من العيار الثقيل في أعقاب ثورة 25 يناير، حينما كشف المحامي نبيه الوحش، أن والدة مبارك رفعت دعوي نفقة ضده عام 1960 لامتناعه عن مساعدتها في الإنفاق علي أشقائه.
وأضاف «الوحش» أن الدعوي حملت رقم 20 لسنة 1960 أحوال شخصية، محكمة شبين الكوم الجزئية، وهي عبارة عن دعوي نفقة، وحصل علي صورة الحكم منذ سنوات المحامي نبيه الوحش من أحد العاملين بالمحكمة.

محمد مرسي
«منيرة عبدالدايم حسن حسين» والدة الرئيس الأسبق محمد مرسي، تنتمي لأسرة من مركز ههيا بمحافظة الشرقية، وهي ربة منزل، وكانت علي صلة قرابة بآل الباز، قرابة ومصاهرة.
ولوالدة مرسي 3 أشقاء من الأب والأم، هم: حسين عبدالدايم حسن حسين، وزبيدة عبدالدايم حسن حسين، وعبدالله حسن حسين.
توفيت «منيرة» عام 2010، وحضر تشييع الجنازة مجموعة من أعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين.
جدير بالذكر أن عائلة الباز معروفة باسم سادات جمهورية مصر العربية، ويقدر عددهم ببضعة آلاف، وتواجدوا في قريتي صبيح والعواسجة مركز ههيا محافظة الشرقية، ثم انتشروا إلي عدة قري ومدن أخري خاصة في القاهرة والجيزة، وهم أحفاد السيد مسيل أبوالعطا الباز الذي يتواجد مسجده وضريحه بقرية صبيحي مركز ههيا.

المحظوظ
لم تكن السيدة المصرية «سعاد إبراهيم محمد» البالغة من العمر 20 عاماً عند ولادتها لطفل صغير يوم 19 نوفمبر عام 1954 تتخيل أن هذا الطفل سيكون الرئيس السادات لمصر.
وكانت علي أقصي تقدير تأمل أن يصبح عبدالفتاح السيسي طبيباً أو مهندساً.
وأقامت الحاجة سعاد مع زوجها سعيد السيسي في الطابق الثالث بالمنزل الذي بناه الجد الحاج حسين خليل السيسي، رقم 7 بعطفة البرقوقية من شارع الخرنفش الواقع علي جنبات شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية جنوب القاهرة.
أنجبت سعاد 8 أبناء، 3 ذكور هم: أحمد وعبدالفتاح وحسين، و5 بنات، هن: زينب ورضا وفريدة وأسماء وبوسي.
واعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه محظوظاً بسبب والدته، وكما قال في حملاته الانتخابية الرئاسية لوسائل الإعلام المصرية: إنه كان فخوراً بها، فهو يراها شديدة الحكمة، والإيمان بالله، وكان تدمع عيناه من أجلها إذا سئل عنها.
واعترف «السيسي» بارتباطه الشديد بوالدته، فبعد أن قرأ بيان 3 يوليو الذي أعلن فيه عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وبسؤاله عما قالت له، أجاب: والدتي في حالة سنية متقدمة لا تسمح لها بأن تقرأ الأحداث، وأنا مرتبط بها ارتباطاً شديداً، وهي سيدة مصرية أصيلة جداً بكل معني الأصالة، وربتني علي الاعتماد علي الله والرضا بالقدر.


ويتذكر «السيسي» والدته وكيف أثرت فيه، فيقول: علمتني التجرد، وأول ما تعلمت التجرد في أحكامي، لذلك زاد حبي إليها، وزاد احترامي وتقديري العظيم لها، علمتني وحتي الآن رغم ظروفها تعلمني».

تعليقات

المشاركات الشائعة