حرائق سوريا .. من أشعلها ومن سيطفئها .. الدولة أم التنظيمات ؟



المصدر الاهرام - تحقيق : ابراهيم سنجاب

حرائق سوريا .. من أشعلها ومن سيطفئها .. الدولة أم التنظيمات ؟
الذاهبون إلى سوريا عبر مطارى دمشق أو اللاذقية أو بالطريق البرى عبر بيروت سيلتقون رموز الحكومة والبرلمان ومن تبقى من مواطنى المحافظات التى ما زالت تخضع لسيطرة الدولة السورية ولم يحصلوا بعد على لجوء سياسى أو يفروا إلى دولة مجاورة , وبإمكانهم أيضا أن يقابلوا أولئك المقهورين الذين نزحوا من مناطق القتال فى محافظات أخرى وغيرهم من الذين استسلمت مناطقهم لمصيرها فباتت تحت سطوة المسلحين والإرهابيين فى بقية المحافظات .
بعيدا عن ساحات القتال وانطلاقا من اللاذقية وفى جولة ميدانية مع محافظها الذىيؤكد قدرة الدولة على تقديم الخدمات إلى 800 ألف نازح قدموا إليها من المحافظاتالمنكوبة , إلى طرطوس حيث سمعت وزير الأوقاف فى منزله يقول : إن رجال الدينالسوريين ينتظرون دعوة من شيخ الأزهر للحوار حول أفكارهم لمواجهة الإرهاب والتىدونوها فى 4 مجلدات تحمل عنوان «فقه الأزمة» , وصولا إلى حمص حيث آثارالمعارك الدامية على الجدران وفى النفوس , و مع ذلك تجرى فيها عمليات ترميمللمبانى المهدمة , بينما يتمركز المسلحون فى واحد من أحيائها على مسافة 3كيلومترات من قلب المدينة .
ومن ريف دمشق على مقربة من مناطق الزبدانى ودوما وغيرهما حيث تجرى مواجهاتمروعة يستهدف منها الجيش السورى عدم تمكين المسلحين والإرهابيين من قطعالطريق إلى جنوب لبنان بينما هم يصرون على كسر حلقة الاتصال البرى مع حزبالله إلى العاصمة دمشق حيث الحزن على الوجوه والألم يملأ النفوس والـتأكيد الرسمىعلى الوصول إلى الربع الساعة الأخير من الحسم وإفشال المؤامرة على سوريا.ولكن الرغبة فى الاستماع إلى كلام آخر قد يكون مختلفا دفعتنى للبحث عن ممثلينللمعارضة التى تعيش فى الداخل وترفض حمل السلاح وآخرين من الخبراءالاستراتيجيين والإعلاميين والأكاديميين الذين يمثلون أكثر من رأى وأكثر من محافظة.


الجيش فوجئ بالحرب
على مدى السنوات الخمس وهى عمر الأزمة فى سوريا كنت دائما أتساءل عنالوضع الميدانى ، وهل هناك أخطاء فى المواجهة العسكرية مع الجماعات المسلحةأدت إلى مزيد من الخسائر على الارض وفى الرجال والسلاح , خاصة بعد الإعلانعن انشقاق 4 آلاف ضابط و55 ألف جندى من الجيش السورى وتزايد حالات الفرارمن خدمة العلم باعتراف الرئيس الأسد فى آخر خطاباته . وعندما التقيت العميدالمتقاعد تركى الحسن وهو باحث استراتيجى أجابنى بأنه قبل بدء الحديث عنالوضع الميدانى , يجب أن نبين ما كان وما هو كائن لنستشرف المستقبل، فقد تهنافى المصطلحات , هل ما حدث هو أزمة أم ثورة أم غضبة من أجل قضايا مطلبيه ,أم هى حرب فى سوريا أم حرب عليها ؟ ثم استدرك فوصف ما حدث بأنه حرب علىسوريا النظام والشعب والحدود وليس أى نوع من أنواع الثورات أو حتى القضاياالمطلبية ( الفئوية )وأن مسبباته خارجية بنسبة 70 – 75 %للوصول إلى ما نحنفيه من دمار وتهديد بالتقسيم . واستعرض العوامل الخارجية من وجهة نظره ، وأولهاالصراع العربى ـ الإسرائيلى , وثانيها التحالف الغربى الإقليمى العربى لوضع سورياأمام مسئوليتها , إما أن تركع أو تروّض، ثم العامل الثالث وهو صورة ما يسمى الربيعالعربى انطلاقاً من تونس فمصر فليبيا» الخ ، لتشكل مقدمات لتختار سوريا ما بينثلاثة نماذج , إما النموذج التونسى أو الليبى أو المصرى فى الرحيل أو النموذجاليمنى أو النموذجين معا .
وتحدث الحسن عن العوامل الداخلية بدءاً من الصراع القديم المتجدد مع المجموعاتالإسلامية المشروع المتمثل بالإخوان المسلمين الذى جر على سوريا كما جر علىمصر فى سابق الأيام الكثير من المشكلات، ثم أشار إلى الوضع الاقتصادى الذىجعل سوريا دولة بلا ديون ووفر التعليم والعلاج مجانا كما أنها دولة تمتلك أمنهاالغذائى والمائى والاقتصادى ولكن توزيع عوائد التنمية لم يعجب الطبقات الكادحةالجديدة ولم تتفاعل معه ولم يقدم لها المأمول , وبالتالى كان هناك تنافر فتشكلت قوىسياسية واقتصادية رأت بأن التنمية لا تساوى شيئاً، وأن الدعم الذى قدم لهم فى مرحلةما يسحب منهم بطريقة أخرىوقالمن هذه المقدمة نستطيع أن نعلم كيف دخلتالحرب على سوريا إلى مرحلة العسكرة انطلاقا من التهييج الإعلامى والحرب النفسيةوالمال والتجييش والفتاوى كمخطط تتبناه قوى وازنة فى مجلس الأمن ودول إقليميةترفض المشروع السورى القومى .
حافظنا على الإمساك بالقرار الاستراتيجي
ولاشك أن ما حدث فى سوريا هو حرب كما سميناها والحرب ليست معركة واحدة ولهاقوانينها ولها شروطها، فلا يوجد جيش فى العالم يستمرفى القتال بنجاح بشكل كاملولا باخفاق كامل، وكل معركة لها ظروفهاوأضافاعتقد وفق المسار الذى حدثأن الجيش السورى فوجئ بالحرب، فنحن أعددنا الجيش على أساس أن تكون الحربعلى جبهات كلاسيكية مع العدو الصهيوني، ولكن هذه الحرب النوعية شاركت فيهاقوى عظمى وإقليمية بالتسليح وكان لها أدواتها المحلية من الهمج المسلحين الإرهابيين ،وكما حدث فى معركة إدلب فى الشهر الثالث من هذا العام حيث رمى الإرهاب 50صاروخا (تاووفى جسر الشغور 20 صاروخا و فى المعركة الأخير بسهل الغاب منذأسبوعين 200 صاروخ ، وفى ثلاث معارك أخرى أطلقوا 450 صاروخاً، إضافة إلىالتشويش الكامل على اتصالات الجيش السورى فى الشمال وهذا يحتاج إلى منظومةمتكاملة من الحرب الإلكترونية من خلال أقمار صناعية أو غرفة عمليات فى تركيا،إضافة إلى إنذار المسلحين والإرهابيين بكل تحركات الطيران السورى بالتفصيل ,وهو يضعنا أمام واقع جديد وهو أن هناك منظومة قيادة من الخارج وحطبا علىالأرض ممثلا بالإرهابيين.واعتقد أن كلمة الإرهاب لا تكفى فهذا الإرهابى استجمعمن كل الإرهاب العالمى واستفاد من تجربته فى أفغانستان والصومال والعراق ليصلإلى سوريا، ولا أقول ان كل الإرهاب خارجى لدينا إرهاب داخلى ولكنه استنبت لدينا .
وقال الحسن ان القرار السورى على الأرض مبنى على الاستمرار بالإمساك بالقرارالاستراتيجى ، بالمحافظة على المناطق الأكثر أهمية واستمرار اتصاله بالمركز وقدرتهعلى أداء المهام واعتقد أنه رغم الصعوبات مازال ممسكاً به، نعم هناك أهداف أهممن أهداف رغم أن كل الأرض السورية غالية وبالتالى كان قرار الجيش هو المحافظةعلى الأهداف الإستراتيجية والحفاظ على التواصل بين المحافظات تحت أى ظروف،أما النقطة الثالثة فهى المحافظة على العنصر البشرى للجيش باعتباره عدتنا فىمواجهة الإرهابيين الذين يأتيهم الدعم بالعناصر المسلحة المدربة من كل دول العالم.
داعش هو الأقوى والاخوان ضائعون
وعن إستراتيجية توزع قوات الجيش السورى وخريطة تواجد التنظيمات الإرهابية التىانتشرت كالسرطان على الأرض , قال العميد الحسن : يتم اليوم التأكيد فى الإعلامعلى أن السيطرة هى سيطرة جغرافية ، نعم السيطرة الجغرافية موجودة وعلى مساحاتكبيرة , ولكن فى الأساس عندما نسيطر يجب أن نرى ماذا تقدم هذه السيطرة فىالمشروع وماذا تؤخر به ، فحمص كمثال بسيط محافظة تشكل تقريباً ربع مساحةسوريا 43 ألف كم2 من أصل 185 كم2، القسم الغربى من حمص لا يتجاوز 10آلاف كم 2 حيث تتركز القوى البشرية أما الباقى فهو بادية، وانتم فى مصر لديكمصحراء سيناء ومناطق شبه خالية، وهذه البادية فى مواسم الخير لا يوجد فيها أكثرمن 200 ألف نسمة وبمواسم الجفاف لا يوجد بها أحد، والأمر نفسه بالأنبار وهى ثلثمساحة العراق ولكن عدد السكان يشكل 4  وبالتالى نحن ننظر لهذه القضيةبمنظور آخر، فبالنسبة لتواجد السكان وكثافة السكان فهم موزعون فى أكبر محافظتينوهما حلب ودمشق ثم نأتى إلى المحافظات الأخرىفحلب المدينة نقتسم السيطرةفيها بيننا وبين الإرهابيين والريف فى جزء كبير منه مع الإرهاب، ليس مع مجموعة أوفصيل واحد محدد.
وبالنسبة لأهم المجموعات المسلحة ذات السيطرة من حيث القوة قال : داعش هوالفصيل الأقوى من حيث المبدأ بالمرتبة الأولى ثم جبهة النصرة تليها أحرار الشاموبينهما قدرة تنافسية، فقد يتم أحياناً دعم مجموعة على حساب أخرى بحسب المصالحللدول الداعمة للإرهاب، وحسب المشروع فقد يراد أحياناً أن تذكر أحرار الشام لأنهاتعتبر الفصيل المسلح المعتدل فيتم دعمها على حساب النصرة.
وعلى الجبهات هناك اليوم الجبهة الإسلامية هى الأقوى وهى مؤلفة من 7 فصائل،ثم تأتى الجبهة الشامية تتألف من 6 فصائل، وأخيراً تأتى تحت مسمى جيش الفتحوقيادتها الأساسية تركية وتعتمد على العنصر التركمانى فى القيادة وهذا الجيش يتواجدفى مناطق الشمال بالدرجة الأساسية حلب وإدلب وبالوقت نفسه يتواجد قسم تحتمسميات مختلفة فى الجنوب ولكنه قليل لأن تركيا لا تقود فى الجنوب ومن يقود فىالجنوب هى الأردن، وهناك فى الجنوب توجد التنظيمات تحت مسميات لواء شهداءاليرموك والفلوجة والفيلق الأول والجيش الأول ولكنها بطبيعة الحال كلها تلتقى معالنصرة وبقايا ما يسمى الجيش الحر وهى مجموعات إسلامية . أما الإخوان المسلمونالآن فهم فى حالة ضياع يحاولون امتطاء كل الفصائل فيكون مع هذا الفصيل أو ذاكولكنهم يعتمدون على دعم الرئيس التركى طيب أردوغان بالأساس .
فشلنا فى بناء نظام جديد أثناء فترة التغيير
وعندما سألت عن تقييم الإجراءات الإصلاحية التى اتخذتها الدولة السورية علىمستوى تلبية مطالب المتظاهرين ، أو على مستوى مواجهة الإرهابيين منذ بدء الأزمة،قال طارق الأحمد عضو المكتب السياسى للحزب السورى القومى الاجتماعىالمعارضفيما يخص الإجراءات التى قامت بها الدولة السورية فإن النظام فى سوريامثل بقية الأنظمة لديه مسار يسير فيه والناس تعرف كيف تتعامل معه وفق ما هممعتادون عليه , لكن المتغير الكبير الذى جرى من دون أن نذهب إلى تشكيل نظامجديد هذا الذى كان فيه التقصير , وبالتالى لم نستطع بناء نظام جديد فى هذه الفترةالتى هى فترة تغيير.وأشار إلى أن من جاء يستغل الأزمة فى سوريا وخصوصاً "المعارضة الخارجيةجاء ليعاقب سوريا على حسناتها لا على سيئاتها، وذلك لأنعندنا دولة فيها الحد الأدنى من مقومات الحياة غير الموجودة عند دول أخرى عربية .وقال إن المشكلة الحقيقية فى سوريا هى نظام الحزب الواحد، والذى عمره أكثر مننصف قرن ويمتد منذ أيام الوحدة بين سوريا ومصر، حيث أصبح فى سوريا مسارمختلف حتى عن الطبيعة السورية التى تقوم على التعددية الحزبية والقومية والدينية ،وصار هناك نوع من التكلس فى مفاصل الدولة، وبالتالى هذا النظام السياسى ليسلديه المرونة الكافية لكى يستطيع مواكبة أى متغير.
وتابع الأحمدهذا الاستشعار كان يجب أن يكون قبل 2011، لأن هذا النوع منالإصلاح لا يمكن أن يكون كافياً، والإصلاحات التى تم تنفيذها بعد هذا التاريخكانت تسابق الزمن مضيفاً: إنه إذا كنت فى حالة حرب فهذه الإصلاحات لا تفيد إن لمتضر ، وقد استغلتها بعض الجهات الوصولية التى تركب الموجة لضرب العمق لأنهأصبح لديها مجالات لم تكن موجودة من قبل، أو بالعكس إنك تفقد مصداقيتك والحالتانتحققتا وذلك لأنك تأتى بحزمة من الإصلاحات فى وقت غير مناسب.
اقتصاد الظل حمى الدولة
و عن شكل الحياة ومدى قدرة الدولة السورية على الصمود اجتماعيا واقتصاديا , قالالدكتور عبد القادر عزوز أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة حلب:إنه من عام 2000بدأ ت سوريا مشوارها الإصلاحى النهضوي، كما مشى محمد على بمشروع مشابه وتمإجهاض مشروعه، فى مسيرة التطوير والتحديث ومنذ البدايات كانت معدلات التنميةالبشرية عالية جداً، ونحن الآن وخلال الحرب الشرسة التى تستهدفنا كان أهم جزء منعوامل الحماية لنا ما يسمى باقتصاد الظل وهو اقتصاد غير رسمى "ورش – حرف"،أصبح معدل التنامى الاقتصادى عالياً جداً وتجاوزنا ما يسمى خط الفقر افتتحتالبنوك والمصارف والجامعات والتعليم إلى مراحله المتقدمة فى سوريا شبه مجاني.
وأضاف أنه رغم جهود الرئيس منذ عام 2000 لمواجهة الفساد واجتثاث بؤره أينماكانإلا أنه بقى كالسرطان يستطيع أن يطور أدواته أسرع وأكبر من أدوات الدولةلمكافحته، والعملية الإصلاحية ليست عصا سحرية هى تحتاج قبل كل شيء إلىمصلحين مؤمنين بعملية الإصلاح وتحتاج فترة زمنية وحيزاً من الوقت لنرى الإنجازاتعلى الأرض وتحتاج تكاتفاً مجتمعياً شاملاً لأن التغيير المجتمعى صعب ويحتاج فترةزمنية وإستراتيجية مدروسة.
نحن مهاجمون بلهجة طائفية
وحول اتهام الحكومة السورية بالعجز عن تقديم مبادرات لحل الأزمة أو اتخاذ خطواتتساهم فى تشجيع بقية الإطراف على التحاورقال الدكتور عزوزنحن فى سوريامهاجمون بلهجة طائفية من الخارج لكن الشعب السورى بكل أطيافه ومكوناته لايوجد عنده طائفية تحكم علاقاته وتواصله مع الآخر، مثلاً نكبت مدينة حلب بعد سنةونصف من الحرب والجمهور الحلبى وجد الملاذ والأمان له تحت سقف المناطق التىتسيطر عليها الدولة فلجئوا إلى إخوانهم بالساحل السورى الذين فتحوا بيوتهم وقلوبهملاستقبال إخوانهم النازحين من المناطق التى يسيطر عليها المسلحونوقال الأحمد:هناك نهج تشترك فيه الدول العربية إضافة للغرب له علاقة بالحراك السياسى فىسوريا ونحن لدينا معارضة من الداخل سواء أحزابا أو شخصيات قرابة عشرة أحزاب،سأعطيك طريقة عن التعاطى مع السوريين كسوريين , وكمثال أذكر شخصية عادلنعيسة هو معارض بقى فى السجن 25 عاماً إلا أربعة أشهر "ربع قرنو لأنه رفضالتدخل الخارجى وقبل بالمعايير الحوارية طردوه ، نحن عملنا مؤتمرات حوارية فىالداخل ومؤتمر حوار وطنى سورى فى دمشق فى 24/3/2013 امتد ليومين حضره700 شخصية و20 حزباً وحضرته أحزاب موالية كحزب البعث وشخصيات منالمعارضة طالبنا بأن نزور الدول الأوروبية لكن لم نتلق أى استجابة . نحن فقط زرناروسيا - ايران – الصين و كنا نريد أن ينفتح الجميع بشكل متساو على النظام وفىنفس الوقت على المعارضة وبمعايير واحدة . وعن دور أحزاب المعارضة قال : أنااحمل النظام السياسى مسئولية تخشب الحياة السياسية قبلاً لأن الحياة السياسية تحتاجإلى بيئة سياسية، وأقول لك حديثنا الآن مقارنة مع الناس الذين يتعرضون للصواريخيعتبر ديكوراً. وأنهى الحديث عن الإصلاح بمثل شعبى سورى (العليق وقت الغارة لاينفعنحن اصبح لدينا بيئات مسلحة يجب تطهيرها أولاً قبل الحديث عن بيئة سياسية.
وعند هذه النقطة تدخل أكد العميد المتقاعد الحسن فقال : الرئيس الأسد أطلق مبادرةفى يناير 2013 وتم تشكيل لجنة حكومية عقدت نحو 56 اجتماعاً مع القوى الشعبيةوالسياسية، وهى ما زالت مستوعبة لكل المبادرات التى طرحت، كما أنها ليست نصاًمقدساً بل يمكن تعديلها حسب الحاجة.ويمكن إيجازها بالمراحل التالية :
المرحلة الأولىالتزام الدول الإقليمية والدولية بوقف التمويل والتسليح بالتوازى معوقف العمليات.
المرحلة الثانية:إنتاج ميثاق وطنى على قاعدة وحدة الأرض السورية وسلامتها
و رفض التدخل الأجنبى و نبذ الإرهاب والعنف , ثم تشكيل حكومة موسعة تكلف بتنفيذبنود الميثاق و طرح الدستور على الاستفتاء و إجراء انتخابات استناداً على الدستور.
وفى المرحلة الثالثة تشكيل حكومة استناداً للانتخابات و عقد مؤتمر للمصالحةالوطنية و تأهيل البنى التحتية وإعادة الإعمار والتعويض .
التدخل الأجنبى وإمبراطوريات المال والإعلام
وحول تطور الحوار والتدخل التركى فى الأزمة والمناطق الآمنة المقترحة , قال العميدتركى الحسنلنعود لتاريخ الحرب على سوريا فقد كان هناك جمع وفى كل يومجمعة يطلقون عليها تسمية ومن بين التسميات جمعة التدخل الأجنبى . وقد كانت فكرةالمناطق الآمنة مطروحة منذ البداية وبناء على ذلك طلبت تركيا ، ثم جرى الحديث عنمناطق مناطق عازلة، وممرات إنسانية، والسيطرة على الأسلحة الكيماوية , وبالتالىتصاعدت الهجمات على المطارات وقد كانت جزءاً من الخطة، ولم يمل أردوغانوظلت تركيا تشترط إقامة منطقة عازلة وتدريب معارضة مسلحة وإسقاط النظام فىسوريا وأن يتم اتخاذ دولى فى هذا الموضوع كشروط للمشاركة فى القتال ضد داعش .
وفى توصيف المشهد السورى قال على قاسم رئيس تحرير صحيفة الثورة : كان هناكمن البدء محاولات لشيطنة الدولة السورية وشيطنة كل من يقف معها وكل من لاينتقدها ضمن دعاية إعلامية لها إمبراطوريات مال وبرامج تم ترويجها عالميا ، وأصبحكل من لا ينتقد الدولة السورية بمفاهيمهم وتقييماتهم ينطبق عليه هذا التوصيف أىبمرتبة الشيطان.فمثلاً المفكر والأديب السورى العلمانى المرشح لجائزة نوبل عالمياً "أدونيسلمجرد مطالبته بالحفاظ على الدولة السورية تم تكفيره ونعته بأسوأ الصفاترغم أنه كان معارضاً، وانسحب هذا التوصيف ليشمل التحالفات على الأرض وتماستغلال الخلافات السياسية والخلافات فى الرؤى والتوجهات فيما يسمى الحراكالعربى وتوصيفه انطلاقاً من هذا التقييم . ومثال آخر فقد تمت شيطنة العلاقة السوريةالإيرانية رغم أنها ليست وليدة عام 2011 بل هى منذ انطلاقة الثورة الإسلامية فىإيران عام 1979، إذاً تم اختصار الموضوع فقط انطلاقاً من قاعدة من مع الشيطانومن ضده ، رغم أن تفاصيل المسألة وتشعيباتها أبعد وأعمق من ذلك بكثير، والمفارقةأنه رغم إنجاز إيران للاتفاق النووى مع الغرب وانتقال إيران بالمفهوم الغربى من ضفةالشيطان إلى ضفة الرحمن بقيت علاقتها مع سوريا مدانة ومثار انتقاد واتهام.
موازيين الحرب تتعدل والساحات تختلف
أما عن الطموحات المتزايدة بشأن مستقبل الصراع ونجاح الدولة فى القضاء علىالإرهاب وكيفية ذلك , فقد أكد رئيس تحرير الثورة أن الحرب على سوريا ما زالتعلى أشدها ولم تتعدل موازيينها وإن تغيرت ساحات حروبها , وأصبح هناك تواجدللآخر فى المشهد السورى الرسمى بعد أن كانت وسائل الإعلام أبواقاً للآخرومملوكة له بشكل مطلق، وتتبع توجهاته وكانت غاياتها معروفةالآن نستطيع القولإنه أصبح هناك تواجد للإعلام الآخر فى حقيقة المشهد السورى .
وأضاف نحن اليوم فى منعطف مفصلي، وعلى صعيد الإعلام نحتاج إلى وقت طويللأن المواجهة ما زالت مفتوحة خاصة إذا كانت غاية الغرب وأمريكا فقط تقليم مخالبالإرهاب، فنحن أمام عقود من الحروب والمواجهة الطويلة لاجتثاث الإرهاب والقضاءعليه نهائياً لا كما تطرحه الشعارات الغربية.
أما بالنسبة للوجدان السورى فقد كان ببدايات الأزمة النظرة سلبية وكان هناك نقاطضعف وهفوات ومررنا فى مراحل عصيبة نتيجة تسارع الأحداث، لم نكن قادرين علىشرح ونقل الصورة بشكل أوضح وأقرب للمتلقي، خاصة أن إمبراطوريات ضخمةإعلامية بدأت بالضخ اللامتناهى للأكاذيب لتشويه وتحريف الصورة الحقيقية ، لكنالآن الأمر مختلف تماماً أصبح إعلامنا الرسمى هو المصداقية واليقين بالنسبة للمتلقىالسوري، لدرجة أنه فى بعض المجالس إذا أتى أحد بمعلومة أو خبر يسألونه عنمصدرها فإذا كانت مثلاً من وسائل التواصل الاجتماعى فلا يأخذون بها ولايصدقونها، لم يعد الوجدان السورى مهتماً لما يبث وينشر على وسائط التواصلالاجتماعي،وأصبح للإعلام السورى القومى أو الخاص حصرية المصداقية وأصبح لهحاضنة مجتمعية كبيرة خاصة لدى الجمهور السورى الذى انتقل من المناطق التىيسيطر عليها المسلحون إلى المناطق التى تسيطر عليها الدولة وعاد انتماؤه لدولتهفقط ، وهذا المعيار الأساسى الذى أصفه بعودة العقل المغيب إلى الوعى والإدراكوتعزيز المعرفة ، وهو ما اجتهد عليه الإعلام السورى لتحصين المجتمع وتطهيرهمما اعتراه من شوائب . مضيفا أنه فى المواجهة اليوم أصبحت الكفة تميل نسبياً إلىالمحور الذى تشكل ضد الإرهاب، لاحقاً هذا المحور اقترب من مفهوم الدولة السوريةوأصدقائها وحلفائها أكثر مما سحب الدولة السورية وحلفاءها باتجاه الإرهاب، هذه هىالمعادلة القائمة اليوم، لذلك أعتقد فى الأيام القادمة سيكون هناك انزياح أكثر وضوحاًوانتقالاً لما نادت به سورياوطالبت به منذ بدء الحرب عليها .وبرأيى فإن الأفق يشيرإلى غلبة الكفة السورية ومحور المقاومة وأصدقاء سوريا والدليل على ذلك أن هذاالمحور بدأ يتسع على المشهد الدولي، وبرزت قوى بوجودها ومبادئها على الأقلتميل إلى التحالف مع سوريا فى توجهاتها ومواجهاتها ليس فقط مع الإقليم الداعمللإرهاب ولكن مع المحور العالمى الذى أوجده ويرعاه ومع المشروع الصهيونى فىالمنطقة، أما الدول التى تمول الإرهاب فلا أعتبرها محوراً أبداً ولكنهم أدوات بيد محورالإرهاب العالمى .
فلسفة إعادة الإعمار فى ظل الحرب
وعن إعادة الإعمار قال الأحمدلقد نظمنا مؤتمرا أطلقنا عليه اسم فلسفة إعادةالاعمار وبحثنا فيه إمكانية البدء الفعلى فى التنفيذلأننا نخشى من احتلال جديد تحتمسمى إعادة الاعمار كما جرى فى لبنان عن طريق تزاوج المال والسلطة علماً أنهذا لا يحوى معارضة أو موالاة لأنه بالنهاية يعطى نفس المؤدى.، فبالأرقام سوريا23 مليون نسمة قبل الأزمة فيها 115 ألف منشأة صناعية 830 ألف سجل تجارىوهذا يدل على أن الأغلب يملك مهنة عدا الحرفيين والفلاحين، وهو ما يؤكد أن الشعبالسورى منتج متحفز بالعمل، وبالتالى المطلوب منا تنظيم الموضوع.وواحدة منالأخطاء المرعبة للحكومات المتعاقبة على سوريا حتى الآن هى أحزمة الفقر الموجودة،أى أحزمة البناء العشوائي، فنصف سوريا تقريباً يسكنون ضمن البيوت العشوائية،ويجب علينا ألا نكرر هذه الأخطاء مرة ثانية، وعلينا أن نبدأ تنظيم عمليات البناءالآن مباشرة وضمن الأزمة وليس الانتظار لبعد الانتهاء منها . ويجب أن نؤكد أنالسوريين فى بلاد المهجر عشرات الملايين وداخل سوريا تقريباً 23 مليوناً، وهميشكلون قوة يجب الاعتماد عليها أولاً فى بناء سوريا ضمن معايير صحيحة، لأنالغزو الذى قدم إلينا كان عن طريق العقل ونحن من ترك الماء عكراً ليصطادالآخرون فيه .
مصر حجر الزاوية ولابد أن تعود لمكانتها
وحول تطلعات السوريين نحو الدور المصرى فى الأزمة قال العميد تركى الحسنلقدكان هناك حرص من قبل بعض الدول على إبعاد مصرعن موقعها وإخراجها منالدور القيادى للأمة العربية ، معبرا عن ثقته باستعادة مصر لدورها بعد أن توفرتالإرادة الشعبية لقيادتها الجديدة فى 30 -6 . وقال الأحمد ردا على نفس الاستفسار :أعتقد أنه على المفكرين فى العالم العربى أن يقوموا ببحث معمق حول منظومة الأمنفى المنطقة كلها من المغرب إلى إيران ويجب أن يكون هناك حوار نخب وعلى النخبةأن تجرى هذه الدراسات من أجل الوصول إلى خارطة طريقبينما أعرب عزوز عنأمله أن تعود مصر لدورها العروبى القومى الريادى وألا تنحاز إلا لنفسها وليس لأىطرف قائلا : بين مصر وسوريا لغة مشتركة يمكن البناء عليها ولديهما قواسم مشتركةإذا تم تفعيلها أثمرت نتائج إيجابية حصنت البلدين وحفظت أمنهما.
إلى هنا انتهت لقاءاتى ولكن تعلقت بذاكرتى ملامح طفل فى العاشرة من عمره , نزحمع والدته واخوته البناتالتقيته على شاطئ البحر فى طرطوس وكان يجلس وحيدافى وقت متأخر من الليل . قلت له أين والدك فأجاب مع المجاهدين فى حلبيحارب النظام ! ولن أنسى ذلك المشهد من حمص حيث بدأ النازحون فى العودةومعظمهم من كبار السن والسيدات عندما دخلت إلى ورشة نجارة يديرها أبو وسام وهورجل كبير فى السن لأشاهد آثار الدمار بعد رحيل المسلحين وأستمع لحكاياته هووأصدقائه عنهم , وأثناء حديثنا نظرت خلفى فإذا هى ورشة لتصنيع النعوش والتوابيت!

تعليقات

المشاركات الشائعة