حكاية "شم النسيم" من الفراعنة حتى الآن

يحتفل العالم بما يعرف بـ"عيد شم النسيم"، يوم الاثنين التالي لعيدالقيامة المجيد، يخرج فيه الجميع إلى الحدائق والمنتزهات. المصريون يحتفلون "بشم النسيم" بطريقتهم الخاصة، يغدقون الكثيرمن المال على المأكولات المالحة، ومعظمها ينحسر بين البيضوالسمك بأنواعهما المختلفة.. فالمصريون صاحب تاريخ طويل معالاحتفال به الذي يرجع للعصر الفرعوني.. كما سجلت السينماتالمصرية أفلامًا تحكى تاريخ احتفالهم بالعيد وربما حملت أغنياتكلمات ومعاني لتعبير عن الفرح والبهجة.. فالاحتفال مربوط أيضًابموسم تفتح الأزهار في فصل الربيع. تعالوا معًا نتعرف على تاريخ المصريين مع الاحتفال بـ"شم النسيم".   فكرة الاحتفال:   ترجع بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام، وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثةالفرعونية, وهو عيد يرمز لهم إلى بعث الحياة، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلكاليوم هو أول الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون. يعد من أقدم الاحتفالات الشعبية التي عرفها التاريخ، بداية من قدماء المصريين, وترجع تسمية"شم النسيم" بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهي كلمة هيروغليفية قديمة, وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصلباعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائقوالمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة. شم النسيم "المهرجان الشعبي" للمصريين:   اتخذ المصريون هذا العيد الآن ليكون احتفالية كبرى، للتمتع بجمالالزهور والرياحين في الحدائق والمتنزهات, خاصة في مثل هذاالوقت من العام والذي تزدهر فيه الرياحين في فصل الربيع, فهوأقرب لمهرجان شعبي كبير، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفةويستمتع به جميع الأعمار, وذلك بالتنزه في الحدائق والحقولوالمتنزهات. ويحتفل المصريون بعيد شم النسيم يوم الاثنين التالي مباشرة ليوم الأحد الموافق عيد القيامةالمجيد، طبقا لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وذلك في شهر "برمودة" من كل عام. سر ارتباط عيد شم النسيم بعيد القيامة: تحديد موعد عيد القيامة، له حساب فلكي طويل، يُسمى "حسابالإبقطي" Epacte، وهي كلمة معناها: "عُمر القمر في بداية شهر توت القبطي من كل عام". وقد تم وضع هذا الحساب في القرن الثالث الميلادي، بواسطةالفلكي المصري "بطليموس الفرماوي" وهذا الحساب يحدد موعدالاحتفال بعيد القيامة المسيحي، بحيث يكون موحدًا في جميعأنحاء العالم,  وبالفعل وافَق على العمل به جميع أساقفة روماوأنطاكية وأورشليم , والتزمت به جميع الكنائس المسيحية.   شم النسيم صانع الرنجة والفسيخ يرتبط الاحتفال بشم النسيم بمجموعة أطعمة تقليدية، هذا اليومكان السبب في حب الناس لهذه الأطعمة والتهافت عليها، وأصبحتتتعلق بالعادات والتقاليد، والتي انتقلت من المصريين القدماء عبرالزمان، لتفرض نفسها على أعياد الربيع، حيث تشمل قائمةالأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم، الرنجة والفسيخ (السمكالمملح)، والبيض,  والخَسُّ، والبصل، والملانة (الحُمُّص الأخضر)، وهى أطعمة مصرية خاصة ومميزة جدًا وكان لها معنى ومدلول عندالمصريون القدماء.   "الفسيخ والرنجة" رمز الخير والرزق الفسيخ "الأسماك المملحة" ظهر بين الأطعمة التقليدية فيالاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمامبتقديس النيل، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظالأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ، واعتبروه رمزاً للخير والرزق،وتناوله في تلك المناسبة يعبر عن الخصوبة والبهجة المصاحبةلموسم الحصاد.   البيض وعلاقة التاريخية بالاحتفال بدأ ظهوره على مائدة أعياد الربيع، مع بداية احتفال المصريين بعيدشم النسيم وهو عند المصريين القدماء يرمز إلى خلق الحياة منالجماد، وكان قدماء المصريين ينقشون عليه الدعوات والأمنياتبألوان مستخلصة من الطبيعة, لتحظى ببركات نور الإله عند شروقهفيحقق دعواتهم، وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونًا منالزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض.   صراع البصل مع الأرواح الشريرة ظهر البيض ضمن أطعمة العيد التقليدية أيام الأسرة السادسةوارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض،وارتبط ظهوره برواية وردت في إحدى برديات أساطير منف القديمة.   "الخس" يبشر بقدوم العيد يعد "الخس" من النباتات المفضلة التي تعلن عن حلول الربيعباكتمال نموها، وعرف ابتدأ من الأسرة الرابعة، حيث ظهرت صورهفي سلال القرابين بورقه الأخضر الطويل ، وكان يُسَمَّىبالهيروغليفية "عب"، واعتبره المصريون القدماء من النباتاتالمقدسة, فقد جعلوا من نضوجه إشارة إلى مقدم الربيع. 

تعليقات

المشاركات الشائعة