«أحضان الحبايب» أسرع أغنية كتبها وأبدع فى حوار «شىء من الخوف» .. الفتى الجنوبى.. من الموسيقى إلى السينما

الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى

الاهرام - اخبار مصر - وفاة الأبنودي
في رحلته من بلدته الي القاهر لم يكن الأبنودي يملك سوى الحلم، حلم التحقق، حلم أن يصول ويجول أن يأخذ وينهل من تراثه الصعيدى الذى ورثه من والدته فاطمة قنديل.


ويحمله الي القاهرة تلك المدينة المتناقضة والتى تغفل أحلام الجنوب ولا تلقي لها بالا، حمل الأبنودي الجنوب وجاء به الي قلب القاهرة، وهو يدندن بكلماته :"حبيبتى كل ما بنسى تفكرنى الحاجات بيكى.. آآنك تدمعك عينى كأنى مش هغنيكى.. دمايا ما تستهلش تكون كحلة ليلة فى عنيكى.. أنا الدرويش أنا السابح بمسبحتى بمبخرتى بتوبى الخيش.. أغنيلك وأمول لك مواويلك .. ماتسمعنيش ولا تشوفينيش ومش فارقة مادام عايشة وما دمت بعيش" ولكننا سمعناه وشفناه وصرنا نتغنى به ومع مفرداته الخاصة جدا في قصائده وأشعاره.
وبحلمه الأبنودى وفطرته قدم تجارب رائدة في السينما والدراما، حيث كتب أغاني العديد من المسلسلات على رأسها ذئاب الجبل الذى اعتبره أهل الصعيد أيقونة معبرا عنهم خصوصا الأغنيات التى جاءت فى أحداث العمل منها "السجن" و"أسافر فى الصباح وأسافر فى المسا هربان من الجراح ولا من الأسى"، و"النديم" التى صاغ كلماتها بعبقرية وبالتأكيد لا ننسى صوت على الحجار بمطلعها :"يا لولا دقت اديكى ما انطرق بابى طول عمرى عارى البدن وأنت جلبابى"، و"الرحايا" و"شيخ العرب همام" و"وادى الملوك"و"الوسواس" وغيرها الكثير.
أما فى السينما فقد صاغ الأبنودى حوارا لا ينسي بل يدرس في فن كتابة الحوار للفيلم والذي يعد من أيقونات السينما المصرية والعربية "شيء من الخوف" إخراج حسين كمال، اضافة الي الأغانى المميزة والتى لحنها المبدع بليغ حمدي لنفس الفيلم " فهل أحد فينا ينسي المطلع الشهير " ياعينى ياعينى" عينى علي الولد"، ووقتها اشترط الابنودى على المخرج الراحل حسين كمال كتابة سيناريو الفيلم وحواره بعد أن قدمه لها لوضع الأغنيات لكن الابنودى لم يعجب بالمعالجة السينمائية وقام بإعادة كتابته، وهو نفس الابداع الذي واصله ليتألق في ملحمة الطوق والأسورة للمخرج خيرى بشارة، حيث شارك الدكتور يحيي عزمى في صياغة السيناريو والحوار اضافة الي الأغانى، كذلك فيلم البرىء لوحيد حامد وعاطف الطيب ولحن الأغانى التى صاغها الابنودي عمار الشريعي، "صوت الكرباج" وصوت الشريعي المعبر عن القهر والوجع.
ولم يكن لفتى الجنوب الحالم أن يصمت حيث صار واحدا من أهم صناع السينما بكلماته وشكل مع صناع الموجة الجديدة في السينما المصرية ثورة حقيقة لذلك فإن معظم الافلام التى شارك فيها بكتابة الأغانى أو صياغة الحوار أختيرت من أهم 100 فيلم في تاريخ السينما.
وكما تميز فى السينما بتجارب مختلفة، فإنه فى الغناء قدم حالة مميزة ومتنوعة لا يضاهيه فيه أحد حيث يتنوع تراثه الغنائى ما بين الشعبى والعاطفى والوطنى، وشكل مع حليم وكمال الطويل وبليغ حمدى حالة استثنائية فى الأغنية الوطنية منها "ابنك يقولك يا بطل هاتى نهار" وأغنية "المسيح" التى صمم حليم على غنائها فى لندن رغم التهديدات التى تعرض لها، و"أحلف بسماها وبترابها" و"عدى النهار" وغيرها.
وبدأ الأبنودى رحلته الغنائية مع المطرب الكبير محمد رشدي بعدد من الأغانى التى أثارت جدلا وقت طرحها ومنها "تحت الشجر يا وهيبة" و"عدوية" التى حققت نجاحا كبيرا، دفع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بأن يطالبه وقتها بكتابة أغان له من نفس النوع فكتب الشاعر "وأنا كل ما أقول التوبة يا أبوى ترمينى المقادير" وحققت النجاح المرجو رغم عدم رضا الأبنودى عن توزيع اللحن الذى وزعه الموسيقار على إسماعيل، ووقتها عنفه حليم بعدما خرج الابنودى فى الإذاعة منتقدا توزيع اللحن قائلا :"الأغنية طالما نزلت السوق ماتنتقدهاش علشان ده أكل عيش ناس".
وفى إحدى اللقاءات التى جمعته بعبد الحليم فى منزله، تراهن الشاعر مع العندليب على كتابة أغان عاطفية أفضل مما يكتبها الشعراء الرومانسيون، وقال له حليم :"لو عملت كده هدفعلك أغلى أجر"، وكان وقتها يصور فيلمه "أبى فوق الشجرة" وشرح له حليم موقف البطل والحالة الخاصة التى تنتابه فى أحداث الفيلم، فدخل الابنودى مكتب حليم وبعد ساعة خرج وهو يضحك ويقول :"مشيت على الاشواك وجيت لأحبابك لاعرفوا ايه وداك ولا عرفوا ايه جابك.. رميت نفسك فى حضن سقاك الحضن حزن حتى فى أحضان الحبايب شوك يا قلبى" وظل يرددها ويضحك فقال له حليم :"لازم تكملها يا أبنودى" وبالفعل كتبها وقام الموجى بوضع ألحانها فى نصف ساعة وكانت أسرع أغنية يكتبها الأبنودى وأسرع لحن يضعه الموجى، وتقاضى عليها أعلى أجر من عبد الحليم.
وتعامل مع أغلب نجوم هذا الجيل منهم فايزة أحمد "يمّا يا هوايا يمّا، مال علي مال"، ونجاة الصغيرة "عيون القلب، قصص الحب الجميلة" ولشادية "آه يا اسمراني اللون، قالى الوداع"، ولصباح "ساعات ساعات" ووردة الجزائرية طبعًا أحباب، قبل النهاردة"، ومحمد قنديل شباكين على النيل عنيكي وماجدة الرومي جاى من بيروت، بهواكي يا مصر.
ومثلما قدم تجربة خاصة مميزة مع عبد الحليم فانه يجمعه بكل من محمد منير وعلى الحجار تجارب فنية خاصة جدا حيث قدم مع منير أغنيات "شوكولاتة، كل الحاجات بتفكرني، من حبك مش بريء، برة الشبابيك، الليلة ديا، يونس، عزيزة، قلبى مايشبهنيش، يا حمام، يا رمان"، وتتر مسلسل "جمهورية زفتى"، وغنى له الحجار تترات مسلسلات"ذئاب الجبل" و"أبو العلا البشرى" و"شيخ العرب همام" و"وادى الملوك" و"النديم".




المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة