"الدروس الخصوصية.. عسل فيه سم قاتل".. "خريج تربية" يؤجر "بدروم فيلا" بدمياط لمجموعاته الخاصة.. والأسعار تتجاوز 800 جنيه شهرياً للطالب.. وأولياء الأمور: اختيار مدرس الفصل إجبارى و"لو مش كفاءة"

 أسعار الدروس بـ14 محافظة: مذكرات الإنجليزية بـ115 جنيهًا.. والعربى 150 حدًا أدنى  خبير تعليمى: الدروس نتيجة طبيعية لدخول التعليم الحكومى فى منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص من حيث جودة تقديم الخدمة التعليمية  39% من الأسر يرون أن شرح المُدرس فى الفصل غير كافٍ.. 15% من الطلاب التحق بها بعد ضغط المُعلمين للالتحاق بمجموعاتهم الخاصة  خريج تربية يتخذ من بدروم فيلا بدمياط مقرًا لمجموعاته الخاصة بالتوازى مع اليوم الدراسى يعانى نظام التعليم فى مصر العديد من المشاكل التى أصبحت تُهدد رسالته المرجوة منه فى خلق أجيال قادرة على التغيير وإتاحة مُستقبل أفضل، وتُعد أزمة الدروس الخصوصية أبرزها على الإطلاق والتى أصبحت لا يخلو أى بيت مصرى منها، كأحد مستلزمات الدراسة كالملابس والأقلام، والتى أسفرت عن آثار سلبية كثيرة على العملية التعليمية بشكل عام، وعلى الطلاب بشكل خاص، وذلك إلى جانب استنزافها لدخل الأسرة المصرية. وأظهرت إحدى التقارير الحكومية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والغرف التجارية، ارتفاع تكلُفة أسعار الدروس الخصوصية ومصروفات المدارس الخاصة والكتب الخارجية والأدوات والمستلزمات المدرسية فى الموسم الجديد لتصل إلى ما بين 10 و%20 من دخل الأسر بما يقدر بنحو ما بين 60 و70 مليار جنيه. فيما أكد التقرير العالمى لرصد التعليم للجميع لعام 2013/2014، أن سوء وضع التعليم فى مصر بات مفرطًا به، خاصة فيما يتعلق بالدروس الخصوصية، موضحًا أن المبالغ التى تنفق سنويًا على تلك العملية تصل إلى 2.4 مليار دولار أمريكى، ما يعادل 16 مليارًا و56 مليون جنيه مصرى، و27% من الإنفاق الحكومى على التعليم منذ عام 2011، الأمر الذى يجعلها تمثل عبئًا على ميزانية الأسر. "الدروس الخصوصية" ملف لا يمكن أن تخلو تصريحات وزير التعليم من عمله وبحثه وجهوده للقضاء على تلك الظاهرة، كان آخرها اقتراح وزارة التربية والتعليم برئاسة الدكتور محمود أبو النصر، تفعيل المجموعات المدرسية، وجذب المدرسين ممن لديهم خبرة متميزة وقبول لدى الطلاب لإعطاء مجموعات تقوية تعود على المعلم بالنفع، وتخفف العبء عن أولياء الأمور، والإشارة إلى وجود خُطة للمحافظين ورؤساء الأحياء لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية خاصة فى الفترة الصباحية أثناء اليوم الدراسى. قال "م.م"، الطالب بشعبة العلمى علوم، من محافظة الجيزة، إنه يحصل على الدروس بأحد المراكز الخاصة، موضحًا أن سعر الحصة الواحدة للغة العربية 25 جنيهًا، والمجموعة بها 100 طالب، واللغة الإنجليزية 25 جنيهًا، و100 طالب، واللغة الفرنسية 20 جنيهًا، لسبعة طلاب، والكيمياء والفيزياء والأحياء لكل منها 30 جنيهًا للحصة، لـمجموعة تتراوح أعداد الطلاب بها من 150 إلى 200 طالب، أما أسعار المذكرات للمواد فتتراوح أسعارها بين 20 و50 جنيهًا. وأكد عبيدة ربيع، طالب من منطقة الحوامدية، شُعبة علم رياضة، أن "الأسعار لديهم ثابتة لكل المواد بـ60 وبعض المدرسين بمواد الفيزياء بيرتفع حتى 100 جنيه لكونه مُدرس قديم ومشهور فى المنطقة". وفى بنى سويف، أكد حسن.س، الطالب بالصف الثالث الثانوى، علم رياضة، أن أسعار الدروس فى المتوسط غالبًا للغة العربية 40 جنيهًا فى الشهر لمجموعة تضم 6 طلاب، واللغة الإنجليزية 50 جنيها فى الشهر لـ16 طالبًا، واللغة الفرنسية 45 طالبًا فى بيت المُدرس بمبلغ 50 جنيهًا فى الشهر، والفيزياء 60 فى الشهر، على أن تضم المجموعة من 40 إلى 45 طالبًا، والكيمياء 40 فى الشهر، والرياضيات بسعر 65 جنيهًا. وقالت "منه.م"، الطالبة بشعبة علمى رياضيات، بالقاهرة، إنها التحقت بأحد المراكز المشهورة بالمحافظة، مشيرة إلى أن اللغة العربية واللغة الإنجليزية واللغة الإيطالية وصلت أسعارها إلى 100 جنيه بالشهر لكل منها، والرياضيات بشقيها 250 جنيهًا، والكيمياء 120 جنيهًا، والفيزياء 120، وتراوحت أسعار المذكرات من 25 إلى 40 جنيهًا، فى حين أن وصلت مذكرة اللغة الإنجليزية إلى 115 جنيهًا، وأضافت أنها تكلف أسرتها حوالى 800 جنيه كحد أدنى للدروس الخصوصية. و"ه.م"، الطالب بشعبة علمى رياضيات بمحافظة كفر الشيخ، أوضح أن عدد الطلاب بمجموعات الدروس تتراوح بين 70 إلى 100 طالب، وأسعار المذكرات من 25 إلى 40، فى الوقت الذى تجاوز فيه سعر مذكرة اللغة الإنجليزية الـ125 جنيهًا، وأوضح أن أسعار الدروس اللغة العربية 65 جنيهًا شهريًا، واللغة الإنجليزية 80 جنيهًا، والفرنسية 60 جنيهًا، والرياضيات بشقيها 75 جنيهًا، والكيمياء والفيزياء 70 جنيهًا لكل منها. أما محافظة دمياط، فأكد أ.ى، شُعبة علم علوم، أن كل المعلمين يتقاضون مرتباتهم بشكل شهرى، فاللغة العربية 70 جنيهًا، لمجموعة تضم 25 طالبًا، ويتم الشرح بأحد الشقق المؤجرة لمجموعة من المُعلمين، ويُخصص كل منهم غرفة له، مُشيرًا أن المُعلمين يفرضون عليهم الحصول على المُذكرات ذات الأسعار المُرتفعة بالرغم من عدم احتوائها على كامل المنهج وتدريبات كالكتب الخارجية، موضحًا أن سعر مُذكرة القراءة والقصة بـ40 جنيهًا، والنحو والبلاغة 40 جنيهًا أيضًا، والأدب والنصوص 40 جنيهًا. أما اللغة الإنجليزية 70 جنيهًا بمجموعة 35 طالبًا، واللغة الفرنسية 60 جنيهًا لمجموعة تتراوح من 40 إلى 45 طالبًا، لافتًا أنهم غالبًا لا يذهبون إلى المدارس فى ذلك اليوم نظرًا لتحديد المُعلم لموعد الدرس فى الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين، والأحياء والجيولوجيا 70 جنيهًا لكلا منهما، أما الكيمياء 70 لمجموعة من 60 إلى 80 طالبًا، والمذكرة 60 جنيهًا، وأكد أنهم يحصلون على الدرس فى "بدروم فيلا" فى العاشرة صباحًا، لكونه لا يعمل بأى من المدارس الحكومية أو الخاصة ويكثف كل جهوده فقط فى العمل بالدروس الخصوصية، ولا يهتم بأوقات الدراسة بالمدارس لعدم مواظبة الطلاب عليها. أما "ح.أ" من الفيوم، فأشار إلى أن المواد العلمية لكل منها 20 جنيهًا للحصة، والمواد الأدبية 15 جنيهًا للحصة، موضحًا أن أسعار المناطق الريفية بالمحافظة أقل بشكل نسبى من مناطق الحضر، حيث تصل أسعار المواد الأدبية بالمناطق الريفية إلى 10 جنيهات، فى مقابل 15 جنيهًا للمواد العلمية. و"ع.ل" الطالب بشعبة علمى علوم، بمحافظة القليوبية، أكد أنه فى حال رغبة الطالب الحصول على الدروس الخصوصية بمفرده فى البيت، فستصل سعر الحصة الواحدة إلى 250 جنيهًا، و2000 جنيه لمادة الكيمياء فى الشهر، و1000 جنيه للأحياء، و2000 للفيزياء، فى مقابل من 500 إلى 800 جنيه للرياضيات، وفى حال الالتحاق بمراكز الدروس، فإن الأسعار مُوحدة 50 جنيهًا بالشهر، وأسعار المذكرات تتراوح ما بين 25 إلى 50 جنيهًا. وأوضح أحمد.ح، الطالب بقسم علمى علوم، بمحافظة الشرقية، أن أسعار المواد موحدة بجميع مناطق المحافظة، ولا تتجاوز الـ50 جنيهًا بالشهر، بالإضافة إلى حصول الطلاب على 3 حصص أسبوعيًا بمادة اللغة العربية، لافتًا إلى أن عدد الطلاب بالمجموعات يصل إلى 60 طالبًا، وفى حال حصوله على الدرس بمفرده فستتراوح الأسعار بين 300 و750 جنيهًا. أما محافظة بورسعيد، فأكد م.ف الطالب بالشعبة الأدبية، أن أسعار المواد "اللغة العربية 80 جنيهًا، والمذكرة 120، واللغة الفرنسية 70 ومذكرتها 110، واللغة الإنجليزية 80 جنيهًا، ومذكرتها 110، والتاريخ 60 جنيها ومذكرة 50، والجغرافيا 75 جنيهًا، و50 جنيهًا ملازم، وعلم النفس والفلسفة 70 جنيهًا لكل منها، بالإضافة إلى 30 جنيهًا ملازم لكل مادة"، مُضيفًا أن عدد الطلاب بالمجموعة الواحدة لا يقل عن 120 طالبًا، فى حين أنهم يحصلون على الدروس فى شقة أحد المعلمين والمخصصة لدروسه فقط. وفى الإسكندرية، أوضح "أ.أ" بالشعبة الأدبية، أن أسعار مواد "التاريخ، اللغة العربية والفرنسية، والجغرافيا" بـ80 جنيهًا شهريًا، و"اللغة الإنجليزية، والفلسفة والمنطق، وعلم النفس والاجتماع" 100 جنيه، مشيرًا إلى أن أسعار الملازم تراوحت ما بين 50 و120 جنيهًا، والمجموعة لا تقل عن 20 طالبًا. وفى محافظة البحر الأحمر، قالت آية.ع الطالبة بشعبة علمى علوم، إن أسعار الدروس الخصوصية لجميع المواد موحدة ولا تتجاوز الـ50 جنيهًا، بمجموعة تتراوح أعداد الطلاب بها من 7 إلى 9 طلاب، والمذكرات لا تتجاوز الـ30 جنيهًا. وفى محافظات الصعيد، كانت أسوان فى المركز الأول من حيث أسعارها، حيث أكد محمد.ى، إن أسعار أغلب المواد 50 جنيهًا، إلا أن اللغة الإنجليزية 60 جنيهًا، والملازم لكل مادة 50 جنيهًا، بالإضافة إلى تخصيص ملزمة للمراجعة النهائية لكل مادة بـ25 جنيهًا. وسوهاج أوضحت س.أ، الطالبة بشعبة علمى علوم، أن عدد الطلاب يتراوح ما بين 30 و100 طالب، وأسعار الدروس لكل المواد تتراوح ما بين 12 و20 جنيهًا للحصة، بالإضافة إلى 20 جنيهًا لملزمة كل مادة منها. وفى المنيا، قال أ.ن، الطالب بقسم علم رياضة، إن أسعار المواد موحدة بـ15 جنيهًا للحصة، فى مجموعة لا يقل عدد طلابها عن 40 طالبًا، والمذكرات تتراوح بين 30 و50 جنيهًا، لافتًا إلى أن المعلم كلما زادت شهرته بالمحافظة، ارتفعت أسعار حصصه. تعددت الأسباب وتبقى الدروس الخصوصية واحدة، ضمن دراسة أجراها مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أوضح عدد من أولياء الأمور أن هناك 13 سببًا وراء اهتمامهم بإلحاق أبنائهم بالدروس الخصوصية، والتى جاءت فى المرتبة الأولى منها بنسبة 39% من الأسر يرون أن شرح المُدرس غير كافٍ، وأنها ضرورية لضمان مزيد من الشرح، وبنسبة 25% من الأسر أكدوا أن الدروس تُفيد الطلاب فى الشرح والمعرفة لدى أبنائهم. وأكد نحو 15% من أولياء الأمور أن المُعلمين يضغطون على ذويهم للالتحاق بمجموعاتهم الخاصة، وحوالى 14% منهم دفعتهم كثافة الفصول المُرتفعة إلى البحث عن فرصة أفضل للتعلُم، فيما رأى 13% من أولياء الأمور أن ضعف مستوى التحصيل الدراسى لدى أبنائهم كان عاملاً أساسيًا للالتحاق بالدروس، و12% يسيرون على نهج باقى البيوت المصرية حتى لا يشعر أبناؤهم بوجود فروق بينهم وبين أصدقائهم. فيما بلغ عدد الذين أكدوا أن الدروس ضرورية نتيجة لعدم وجود رقابة على العملية التعليمية حوالى 11%، وتنوعت باقى الأسباب فى قصر وقت الحصة المدرسية بشكل لا يسمح بوجود قسط كافٍ لإعادة النقاط الصعبة بالدروس، وصعوبة المناهج الدراسية، وضعف المستوى العلمى والأكاديمى للمُدرسين، وطول المُقررات الدراسية، فيما رأى 6% فقط، أنها ضرورية لزيادة المجموع الكلى فى المراحل الدراسية جميعها. وفى سياق مُتصل، وفيما يتعلق بتأثير التشديد على الحضور والغياب بين طلاب المرحلة الثانوية على تقليل الدروس الخصوصية، فأكد ياسر الديب ولى أمر لثلاثة طلاب بمراحل تعليمية مُختلفة بمُحافظة القاهرة، لـ"اليوم السابع"، أن اتخاذ وزارة التربية والتعليم عدة قرارات لإعادة الطلاب إلى المدارس وتشديد العقوبة إلى حد الفصل، ما هو إلا انتهاك لقوة الطلاب، نظرًا لما سيترتب عنه من مجهود كبير للطلاب من حيث التوجه إلى المنازل لتناول وجباتهم، ومن ثم التوجه إلى الدرس، مضيفًا: "الدرس ضرورى وهياخده حتى لو فى الفجر". وأضاف خالد إبراهيم، ولى أمر لطالبين بالمرحلة الثانوية، أنه ألحق أبناءه بالمجموعات الخاصة بمُعلمى الفصول بالمدرسة، مُبررًا ذلك بقوله "ده أمر ضرورى علشان ما يبهدلوش الأولاد حتى لو كان المــدرس مـش على كفاءة عالية"، أما عن تشديدات الحضور والغياب فوصفها بعمليات "تزنيب" للطلاب لعدم وجود شرح بالمدارس من الأساس. من ناحية أخرى، قال أيمن البيلى، الناشط النقابى والباحث فى مجال التعليم، لـ"اليوم السابع"، إن الدروس الخصوصية هى نتاج طبيعى ومنطقى لسياسات التعليم والسياسات الاقتصادية وخاصة منظومة الأجور للمعلمين، مما دفعهم إلى اللجوء إلى تعاطى الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص فى الاستثمار فى التعليم، مما ترتب عنه دخول التعليم الحكومى فى منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص، من حيث جودة تقديم الخدمة التعليمية، مما ساعد على ظهور "السوق السوداء فى التعليم"، لكونه أصبح نوعًا من التعليم الموازى غير الخاضع لأى قواعد علمية أو قيم تربوية أو تعليمية، بالإضافة إلى كونه عملية تجارية. وتابع: "بالتالى أصبح طبيعيًا أن كل تاجر يُروج لسلعته وفق ما يراه مناسبًا من أساليب الدعاية ليحقق أكبر نسبة من الأرباح بأقل تكلفة ممكنة، أمثال "رامبو الرياضيات" أو "زويل الفيزياء" أو "أمبراطور اللغة العربية"، ووضعها على أسوار المدارس وجُدران، وجميعها عمليات بعيدة تمامًا عن أى شكل من أشكال الرقابة من قبل الدولة، بالرغم من خطورته على ثقافة وفكر وأمن وسلوك المجتمع، ناهيك عن العبث بمستقبل وفكر الأجيال القادمة".




المصدر اليوم السابع


تعليقات

المشاركات الشائعة