دماء الشهداء تضىء وجه الوطن

عبد المنعم رياض - احمد بدوي

يغسل الشهداء أدران الأوطان بدمائهم، ينيرون ظلماتها، ويمحون عار الهزيمة وآلامها، في شهر مارس من كل عام تهل علينا نسمات عطرة تذكرنا بأبطال سجلوا ملاحم خالدة فى صفحات المجد والعزة، بذلوا أرواحهم ليعبروا بمصر من الانكسار إلي الانتصار، هذه السطور احتفاء من «الأهرام» بالشهيد، أى شهيد، وبرجال عظماء.. منهم المشير أحمد بدوى، والفريق أول عبدالمنعم رياض اللذان قدما أنفس ما يملكان فداء لوطن عظيم، لا ينسي أبناءه الشهداء فى كل أوان، فالمجد لهم فى كل حين.
القائد العظيم
أحمـد بدوى .. لقن إسرائيل درسا قاسيا وأثار إعجاب العالم
تحية للشهيد .. كل شهيد وتقدير لرجال القوات المسلحة الذين يؤكدون يوما بعد يوم ولاءهم للوطن المفدي وحرصهم دائما ان تظل قواتنا المسلحة في طليعة قوي الدولة الشاملة التي تصون الأمن القومي بكل مقوماته وركائزه .
ويأتي علي رأس هؤلاء الأبرار المشير أحمد بدوي في ذكري استشهاده مع 13 من القادة العسكريين في حادث طائرة مأساوي في سيوة في 2 مارس 1982. والمشير أحمد بدوي سيد أحمد وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الأسبق أحد أبرز قادة حرب أكتوبر المجيدة ، ولد بمدينة الإسكندرية، في 3 أبريل 1927وتخرج في الكلية الحربية عام 1948 واشترك في حرب سنة 1948، وعين بعدها مدرساً في الكلية الحربية حتي أصبح مساعداً لكبير معلمي الكلية عام 1958 ، وحصل علي دورة أركان حرب من أكاديمية " فرونز " العسكرية العليا بالاتحاد السوفيتي عام 1961.
ثم أحيل للتقاعد عقب حرب يونيو1967، والتحق خلال تلك الفترة بكلية التجارة جامعة عين شمس ونال منها بكالوريوس التجارة شعبة " إدارة الأعمال " وأصدر الرئيس السادات قراراً بعودته إلي صفوف القوات المسلحة في مايو 1971 ،وحصل علي زمالة أكاديمية ناصر العسكرية العليا في عام 1972 ثم تولي بعدها قيادة فرقة مشاة ميكانيكية .
و يعد المشير أحمد بدوي من أبرز ابطال حرب أكتوبر ١٩٧٣، حيث استطاع مع فرقته عبور قناة السويس إلي سيناء من موقع جنوب السويس ضمن تشكيلات الجيش الثالث الميداني وتمكن من صد الهجوم المضاد الإسرائيلي والتمسك بكل المواقع التي حررها بما فيها موقع "كبريت" الشهير.
وقد اندفع بقواته إلي عمق سيناء خلال أحداث الثغرة، لخلخلة جيش العدو، واكتسب أراضي جديدة، من بينها مركز قيادة العدو في منطقة عيون موسي بجنوب سيناء، و رقي إلي رتبة اللواء في 13 ديسمبر 1973 وعين قائداً للجيش الثالث الميداني ، و تم تكريمه بواسطة الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمجلس الشعب في 20 فبراير 1974 حيث منحه نجمة الشرف العسكرية .
ثم عين في منصب رئيس هيئة تدريب القوات المسلحة في 25 يونيه 1978 ... ثم رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة في 4 أكتوبر 1978 ، وصار أميناً عاماً مساعداً للشئون العسكرية في جامعة الدول العربية ، و رقي إلي رتبة [ الفريق ] في 26 مايو 1979 ... وعين وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة في مايو 1980 .
ولاستشهاد المشير بدوي قصة لافتة تستحق التوقف امامها طويلا، ففي يوم 2 مارس 1981 استشهد إلي جانب [١٣] من كبار قادة القوات المسلحة في حادث تحطم مروحية في منطقة سيوة بالمنطقة العسكرية الغربية بمطروح.
وبعدها أصدر الرئيس أنور السادات قراراً بترقيته إلي رتبة المشير وترقية رفاقه الذين قضوا معه إلي الرتب الأعلي في نفس يوم موته، واعتبارهم شهداء الوطن.
- وودعت مصر المشير أحمد بدوي وشهداء الوطن والواجب يوم الثلاثاء 3 مارس سنة 1981 في جنازة عسكرية مهيبة يتقدمها الرئيس محمد أنور السادات من مقر وزارة الدفاع.وشهداء الوطن والواجب في يوم 3 مارس هم :المشير أحمد بدوي سيد أحمد " وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة "،واللواء أ .ح محمد حشمت جادو "رئيس هيئة التدريب" واللواء أ .ح جلال سري "رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة".واللواء أ .ح عطية منصور "رئيس هيئة الإمداد والتموين".واللواء أ ح أحمد فواد " مدير إدارة الإشارة " .واللواء أ .ح فوزي الدسوقي مدير إدارة الأشغال العسكرية والإبرار .و اللواء أ .ح محمد حسن " مدير إدارة المياه".و اللواء أ .ح علي فايق صبور " قائد المنطقة الغربية العسكرية".و اللواء أ .ح محمد أحمد المغربي " نائب رئيس هيئة التنظيم والإدارة ".و اللواء أ .ح صلاح قاسم " رئيس أركان المنطقة الغربية العسكرية " .و عميد أ ح محمد السعدي عمار " هيئة عمليات القوات المسلحة " .و عميد أ ح محمد أحمد وهبي " هيئة عمليات القوات المسلحة " .وعقيد أ .ح مازن مشرف " هيئة عمليات القوات المسلحة.
الجنرال الذهبى
عبدالمنعم رياض .. بطل الاستنزاف ورمز العسكرية المصرية
9مارس من كل عام هو يوم الشهيد والمحارب القديم.. يوم استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض على الجبهة .. وهو لمسة وفاء لمن ضحي في سبيل الوطن، وليصنع للعسكرية المصرية أمجادها..
فتاريخ مصر مملوء بعلامات البطولة والفداء علي مر التاريخ ولقد كان يوم 9مارس1969 يوما حاسما في تاريخ العسكرية المصرية خاصة بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي من48 ثم56 ثم67 وحرب الاستنزاف حتي نصر أكتوبر1973 الذي أعاد للأمة العربية كرامتها وثقتها إذ أثبت للعالم ان مصر الصامدة لا تهزم أبدا مهما تجاذبتها المحن والشدائد.
والفريق أول محمد عبد المنعم محمد رياض عبدالله من مواليد 22 أكتوبر 1919 واستشهد في 9 مارس 1969 ؛ و شارك في الحرب العالمية الثانية ضد الألمان وإيطاليا بين عامي 1941و1942 ، كما شارك في حرب فلسطين 1948 ، والعدوان الثلاثي 1956 ، وحرب 1967 وحرب الاستنزاف .
وكان الفريق أول عبد المنعم رياض رحمة الله عليه في الصفوف الأولي علي الجبهة المصرية بين جنوده وأثناء تبادل إطلاق النيران مع العدو نال الشهادة ، وكان مثالا للقائد الشامل المضحي لذلك اختير هذا اليوم لتتذكر فيه مصر والقوات المسلحة شهداءها الأبرار .
وقد بدأ حياته العسكرية في عام 1941 ، حيث عين بعد تخرجه في سلاح المدفعية ،وألحق بإحدي البطاريات المضادة للطائرات في المنطقة الغربية ،و اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا.
ثم عمل خلال عامي 1947 و1948 في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك. و في عام 1951 تولي قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات وكان وقتها برتبة مقدم. وفي عام 1953 عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية ،ثم تولي قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية في الفترة من يوليو 1954 حتي أبريل 1958.
وفي أبريل من عام 58 سافر في بعثة تعليمية إلي الإتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وقد لقب هناك بالجنرال الذهبي، ثم شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية بعد عودته من روسيا عام 1960، وفي 1961 شغل منصب نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشئون الدفاع الجوي ، وفي عام 1964عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة ، ثم رقي لرتبة الفريق عام 1966، وفي مايو 1967عين قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة ، ثم عين قائدا عاما للجبهة الأردنية في حرب 1967، ثم عين رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية في 11 يونيو عام 1967.
حقق الفريق انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الإستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية علي مدينة بور فؤاد الواقعة علي قناة السويس وذلك في آخر يونيو 1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 , 1968 وتدمير 60% من تحصينات خط بارليف خلال حرب الاستنزاف والذي تحول من خط دفاعي إلي مجرد إنذار مبكر.
إن ذكري الشهداء يوم لن تنساه العسكرية المصرية حيث تستعيد فيه ذكري تضحياتهم بالغالي والنفيس من أجل الدفاع عن اسم مصر الغالية،ولهذا يجب علي الشباب و الأجيال الجديدة ان يدركوا انه في ذكري يوم الشهيد نستعيد بطولات وأمجاد قواتنا المسلحة ونحيي أرواح شهدائنا الأبرار الذين قدموا حياتهم هدية فداء للوطن.. ونقف تحية إجلال وتقدير لجيل ذهبي من شعب مصر أبي الخضوع للنكسة والانحناء للهزيمة فقدم العديد من التضحيات من أجل تحرير الأرض واستعادة الكرامة.
من حق الأجيال القادمة أن يعرفوا بطولات محاربينا حتي لا تضيع دماؤهم التي فقدوها هباء.. ومن حقهم أيضا أن يتخذوا من تلك الكوكبة من البشر الذين عبروا بنا إلي حدود التنمية والمستقبل قدوة فسيناء عادت بعد ملحمة من البطولات والانجازات تواصلت مع العمل الدءوب والإصرار العظيم من جانب الشعب المصري.
إن شباب مصر مدعوون لمعرفة أن السلام لا يأتي من فراغ ولكنه أيضا لا يستمر إلا بقوة تحميه وان السلام ثمن تدفعه الشعوب من دم أبطالها وأرواح شهدائها .
وإذا كانت القوات المسلحة قد اختارت هذا اليوم ليكون رمزا لكل شهداء مصر، فإنه أيضا تكريم لمصابي العمليات الحربية، الذين ضحوا بدمائهم فداء لهذا الوطن ورفعة شأنه وتكريم لكل شهيد، فى كل ميدان وزمان، فالمجد للشهداء


المصدر الاهرام

تعليقات

المشاركات الشائعة