أحمد المسلمانى يكتب: عند خط العرض 22 درجة.. زيارة إلى سطح القمر

أحمد المسلمانى

قال أحمد المسلمانى المستشار الإعلامى لرئيس الجمهورية: إن هناك خريطة سهلة للتنمية فى حلايب والشلاتين: الجبال وفيها الثروة المعدنية، المياه وفيها الثروة السمكية.. وبينهما السهول وفيها الزراعة، والأراضى المجاورة وفيها الصناعة، والشواطئ وفيها السياحة.وشبّه مستشار الرئيس الجزر الصغيرة المجاورة لشاطئ حلايب والشلاتين بأنها "مالديف جديدة".. حيث إنها تفوق بمياهها الخضراء والزرقاء جمال الجزر الشهيرة فى المحيط الهندى.
وأضاف المسلمانى: إن الأراضى المنبسطة فى حلايب وشلاتين باهرة وآسِرة.. تشعر هناك وكأنك تتحرك على ممر للطائرات، أو كأنك تمشى على ملعب لكرة القدم.. وإن هبوط القليل من المطر يحوَّل تلك المساحة إلى مساحة شاسعة من اللون الأخضر تبدو وكأنها أكبر ملعب جولف فى العالم.
جاء ذلك فى مقال كتبه أحمد المسلمانى المستشار الإعلامى لرئيس الجمهورية لوكالة أنباء الشرق الأوسط بعنوان "عند خط العرض 22 درجة.. زيارة إلى سطح القمر".. وفيما يلى نص المقال:
حكى لى الدكتور "عصام حجى" المستشار العلمى لرئيس الجمهورية الكثير عن تكوينات الكواكب داخل وخارج المجموعة الشمسية.. وعن جيولوجيا المريخ وجغرافيا المشترى.ولقد تذكرت أحاديث عالِم وكالة ناسا أثناء زيارتى إلى حلايب وشلاتين فى جنوب محافظة البحر الأحمر.. حيث بدَتْ لى الرحلة فى أحيان كثيرة وكأنها زيارة إلى سطح القمر!تشرفتُ بتكليفى من قِبَل الرئيس عدلى منصور لزيارة جنوب محافظة البحر الأحمر لإعداد تقرير أوّلى حول آفاق التنمية فى حلايب وشلاتين.
صادفَ التكليف الرئاسى هوىً راسخًا فى داخلى نحو عالَم الطبيعة.. الجبال والسهول.. الوديان والبحار.
قطعتُ المسافة من القاهرة إلى مطار "برنيس" العسكرى فى قرابة الساعتين ثم كانت الحركة بالسيارات على مدى يومين حتى العودة إلى المطار العسكرى من جديد. وكان السادة الصحفيون الذين رافقونى فى الزيارة قد بذلوا جهدًا أكبر حيث قطعوا المسافة بالسيارات فى المدة ذاتها مجيئًا من مطار مرسى علم، وعودةً عبر مطار الغردقة.
كانت الرحلة ممتعة للغاية.. كلُّ ما رأيْنا يسرُّ الناظرين.. ومن الشمال إلى الجنوب يتوسط الطريق الذى قام الجيش بتجهيزه.. ذلك السهل الساحلى، حتى يصل إلى النقطة الحدودية "رأس حَدَرْبَه" على دائرة عرض 22 درجة شمالاً، فى مساحة تزيدُ على ضعف مساحة لبنان.. أو ثلثى مملكة بلجيكا.
إلى اليمين (الغرب) ترى أرضًا منبسطة تنتهى بسلسلة جبال أخَّاذَة.. وقد أدهشنى انبساط الأرض طيلة ساحل البحر الأحمر.. إنه يُذكرنى بما نقوم به فى بلدتنا فى ريف بسيون محافظة الغربية من "تزحيف الأرض"، بحيث تبدو الأرض بعد "تزحيفها" مساحة مستوية على نحو مثالى دون صعود أو هبوط ودون تعرج واحد.. وهكذا هى طبيعة الأرض – كل الأرض – فى تلك المنطقة المدهشة.. كأنك تتحرك على ممّر للطائرات، أو كأنك تمشى على ملعب لكرة القدم!وإلى اليسار (الشرق) تجد الروعة ذاتها حتى تنتهى إلى مياه البحر الأكثر جمالاً فى العالم.
إن جغرافيا حلايب وشلاتين وأبو رماد جميلة وسهلة على هذا النحو.. (سلسلة جبال- أراض منبسطة – طريق – أراض منبسطة – بحر).. وهكذا تبدو أيضًا خريطة التنمية بالسهولة ذاتها: ثروة معدنية فى الجبال، وأراض زراعية بعد الجبال وحتى الطريق، ثم مناطق سياحية وسكنية وخدمية وصناعية بعد الطريق، ثم السياحة والصيد فى مياه البحر الأحمر.إن جبال البحر الأحمر غنية للغاية بالذهب والفضة والحديد، كما أنها غنية باليورانيوم والبترول.. وعلى قدر ما تمثل هذه الثروة المعدنية من فرصٍ هائلة، إلا أنها قد تكون سببًا فى أطماعٍ وضغوط.
وقد أسست الحكومة "شركة الشلاتين للذهب".. وحدثنى وزير البترول السابق "أسامة كمال" وخبراء آخرون عن آفاقٍ مشرقة للثروة المعدنية فى هذه الجبال. 
وأما الوديان والسهل الملاصق لسلسلة الجبال فهى أراضٍ صالحة للزراعة.. تحتاج فقط إلى المياه التى يمكن أن تأتى من الآبار أو عبْر احتجاز مياه السيول عبر سدود تحمى وتخزِّن.وقد أبلغنى شباب حلايب وشلاتين أن هبوط القليل من المطر يحوِّل ثلث المساحة إلى أراضٍ خضراء آسِرة.. بحيث تبدو وكأنها أكبر ملعب جولف فى العالم.
إن الأراضى الواقعة على البحر الأحمر هى الأجمل فى كل سواحل البحر الأحمر والمتوسط معًا.. وقد زرتُ بعضًا من شواطئ شمال وجنوب المتوسط.. وأكاد أقطع أن سواحل جنوب البحر الأحمر هى الأكثر جمالاً وبهاءً.
إنها سواحل متعرجة داخل البحر.. وهناك الكثير من الحواجز المرجانية ترى انكسار الموج فوقها وأنت تتطلّع إليها من الشاطئ.. وقد أدت هذه التعرجات المائية والخلجان الصغيرة وكاسِر الأمواج المرجاني.. إلى استواء وهدوء المياه بحيث تبدو وكأنها "حمام سباحة عملاق" فى مدخل البحر!
إن ما يزيدُ الأمر إبهارًا.. هو ذلك الأرخبيل من الجزر الصغيرة القريبة من الشاطئ.. إنها حقًا "مالديف جديدة".. جزر ساحرة.. ومياه خضراء وزرقاء على نحو يفوقُ جمالاً جزر المحيط الهندى.
الأمر – مرة أخرى – بسيط للغاية.. فقط قرى سياحية متصلة بالجزر عبر مراكب سياحية.. وإذا ما أخذنا فى الاعتبار المكانة العالمية التى حظيت بها منتجعات شرم الشيخ والغردقة.. يمكن لمنتجعات حلايب وشلاتين أن تتفوق.. وأن يجرى تصنيفها فى سنوات محدودة ضمن أجمال المنتجعات فى العالم.
إن الصيد البحرى له مستقبل عظيم فى ذلك الساحل الساحر.. فالأسماك أكثر تنوعًا ووفرة.. ونسبة التلوث تساوى صفر.. وإذا ما تأسس "أسطول صيد جنوب البحر الأحمر" وتأسست معه مصانع ومرافق.. يمكن لمصر أن تحل جانبًا من أزمة الغذاء.. وأن تكون الأسماك والمأكولات البحرية من بين الصادرات الأساسية لبلادنا.
هى خريطة تنمية سهلة إذاً: الجبال وفيها الثروة المعدنية، المياه وفيها الثروة السمكية.. وبينهما السهول وفيها الزراعة، والأراضى المجاورة وفيها الصناعة، والشواطئ وفيها السياحة.. ما الذى نحتاجه إذًا؟.. الإجابة: لا نحتاج سوى أن نبدأ.
إن أهالينا فى حلايب وشلاتين وأبو رماد يملكون تلك الرؤية للتنمية، وقد سمعتُ ذلك من السادة شيوخ وعواقل القبائل المصرية هناك، كما سمعتُه من الشباب والمثقفين الذين يريدون لمنطقتهم أن تكون جزءًا أساسيًا من خريطة التنيمة الوطنية.. وأن تكون حاضرةً فى بناء اقتصاديات الجمهورية الجديدة.
ولقد كانت سعادتى غامرة وأنا أرى مواكِب الجِمال التى جاءت للتحيّة وهى تحمل عَلَم مصر.. وتسير فى مواكب بهيجة وبديعة.. وهو ما أثار شهيّة مصورى الصحافة الذين تنافسوا للحصول على لقطات نادرة لهذه الطريقة الفريدة فى الاحتفال والاستقبال.كما كان تأثُرى بالغًا.. وأنا استمع إلى كلمات شيوخ وعواقل القبائل الذين أبدوا قوةً وحسمًا فى مواصلة الحرب ضد الإرهاب، وتأييدًا صادقًا للجيش المصرى الذى يحمى الوجود والحدود.كما أن قيام السادة المشايخ بمنحى "سيف القوة" إهداءً بمناسبة الزيارة وتلك الكلمات الرقيقة التى واكبت تسليمى السيف ستبقى دومًا موضع فخر واعتزاز لى.. سأتذكرها دومًا بكل التقدير.
لقد شملت زيارتى إلى جنوب محافظة البحر الأحمر افتتاحًا لفرع جمعية الأورمان الخيرية فى الشلاتين، ومؤتمرا صحفيا على هامش الافتتاح، ثم زيارة إلى حلايب ومؤتمرا صحفيا بحضور شيوخ وعواقل وشباب القبائل، ثم زيارة إلى أبو رماد، ثم زيارةً ومؤتمرًا صحفيًا فى الشلاتين بحضور عدد كبير من أبناء المنطقة يتصدرهم الشيوخ والعواقل، وبحضور القيادات المحلية لمحافظة البحر الأحمر.
وعبْر هذه الرحلة الكثيفة.. كان الشعور السائد لدىّ ولدى من قابلت من السادة الصحفيين الذين قاموا بتغطية الزيارة يتلخص فى كلمة واحدة: الأمل.





المصدر اليوم السابع

تعليقات

المشاركات الشائعة